فصل: وفاة المهدي وبيعة الهادي.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الصوائف.

وفي سنة تسع وخمسين أغزى المهدي عمه العباس بالصائفة وعلى مقدمته الحسن الوصيف فبلغوا أهرة وفتحوا مدينة أوهرة ورجعوا سالمين ولم يصب من المسلمين أحد وفي سنة احدى وستين غزا بالصائفة يمامة بن الوليد فنزل دابق وجاشت الروم مع ميخاييل في ثمانين ألفا ونزل عمق مرعش فقتل وسبى وغنم وحاصر مرعش وقتل من المسلمين عددا وانصرف إلى جيحان فكان عيسى بن علي مرابطا بحصن مرعش فعظم ذلك على المهدي وتجهز لغزو الروم وخرجت الروم سنة اثنتين وستين إلى الحرث فهدموا أسوارها وغزا بالصائفة الحسن بن قحطبة في ثمانين ألفا من المرتزقة فبلغ جهة أدرركبه وأكثر التحريق والتخريق ولم يفتح حصنا ولا لقي جمعا ورجع بالناس سالما وغزا يزيد بن أسيد السلمي من ناحية قاليقلا فغنم وسبى وفتح ثلاثة حصون ثم غزا المهدي بنفسه سنة ثلاث وستين كما مر ثم غزا سنة أربع وستين عبد الكبير بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب من درب الحرث فخرج إليه ميخاييل وطارد الأرمني البطريقان في تسعين ألفا فحام عن لقائهم ورجع بالناس فغضب عليه المهدي وهم بقتله فشفع فيه وحبسه وفي سنة خمس وستين بعث المهدي ابنه هرون بالصائفة وبعث معه الربيع فتوغل في بلاد الروم ولقيه عسكر نقيطا من القواميس فبارزه يزيد بن مزيد فهزمهم وغلب على عسكرهم ولحقوا بالدمشق صاحب المسالح فحمل لهم مائتي ألف دينار واثنتين وعشرين ألف درهم وسار الرشيد بعساكره وكانت نحوا من مائة ألف فبلغ خليج قسطنطينية وعلى الروم يومئذ غسطة امرأة إليوك كافلة لابنها منه صغيرا فجرى الصلح على الفدية وأن تقيم له الأدلاء والأسواق في الطريق لأن مدخله كان ضيقا مخوفا فأجابت لذلك وكان مقدار الفدية سبعين ألف دينار كل سنة ومدة الصلح ثلاث سنين وكان ما سباه المسلمون قبل الصلح خمسة آلاف رأس وستمائة رأس وقتل من الروم في وقائع هذه الغزوات أربعة وخمسون ألفا ومن الأسرى ألفان ثم نقض الروم هذا الصلح سنة ثمان وستين ولم يستكملوا مدته بقي منها أربعة أشهر وكان على الجزيرة وقنسرين علي ابن سليمان فبعث يزيد بن البدر بن البطال في عسكر فغنموا وسبوا وظفروا ورجعوا.

.وفاة المهدي وبيعة الهادي.

وفي سنة تسع وستين اعتزم المهدي على خلع ابنه موسى الهادي من العهد والبيعة للرشيد به وتقديمه على الهادي وكان بجرجان فبعث إليه بذلك فاستقدمه فضرب الرسول وامتنع فسار إليه المهدي فلما بلغ ما سبدان توفي هنالك ويقال مسموما من بعض جواريه ويقال سمت إحداهما الأخرى في كثرى فغلط وأكلها ويقال حاز صيدا فدخل وراءه إلى خربة فدق الباب ظهره وكان موته في المحرم وصلى عليه ابنه الرشيد وبويع ابنه موسى الهادي لما بلغه موت أبيه وهو مقيم بجرجان يحارب أهل طبرستان وكان الرشيد لما توفي المهدي والعسكر بما سبدان نادى في الناس بإعطاء تسكينا وقسم فيهم مائتين مائتين فلما استوفوها تنادوا بالرجوع إلى بغداد وتشايعوا إليها واستيقنوا موت المهدي فأتوا باب الربيع وأحرقوا وطالبوا بالأرزاق ونقبوا السجون وقدم الرشيد بغداد في إثرهم فبعث الخيزران إلى الربيع فامتنع يحيى خوفا من غيرة الهادي وأمرت الربيع بتسكين الجند فسكنوا وكتب الهادي إلى الربيع يتهدده فاستشاريحيى في أمره وكان يثق بوده فأشار عليه بأن يبعث ابنه الفضل يعتذر عنه وتصحبه الهدايا والتحف ففعل ورضى الهادي عنه وأخذت البيعة ببغداد للهادي وكتب الرشيد بذلك إلى الآفاق وبعث نصيرا الوصيف إلى الهادي بجرجان فركب اليزيد إلى بغداد فقدمها في عشرين يوما فاستوزر الربيع وهلك لمدة قليلة من وزارته واشتد الهادي في طلب الزنادقة وقتلهم وكان منهم علي بن يعطى ويعقوب بن الفضل من ولد ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب كان قد أقر بالزندقة عند المهدي إلا أنه كان مقسما أن لا يقتل هشميا فحبسه وأوصى الهادي بقتله ولد عمهم داود بن علي فقتلهما وأما عماله فكان على المدينة عمر بن عبد العزيز بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعلى مكة والطائف عبد الله بن قثم وعلى اليمن إبراهيم بن مسلم بن قتيبة وعلى اليمامة والبحرين سويد القائد الخراساني وعلى عمان الحسن بن سليم الحواري وعلى الكوفة موسى بن عيسى بن موسى وعلى البصرة ابن سليمان وعلى جرجان الحجاج مولى الهادي وعلى قومس زياد بن حسان وعلى طبرستان والرويان صالح بن عمير مولى وعلى الموصل هاشم بن سعيد بن خالد وعزله الهادي لسوء سيرته وولى مكانه عبد الملك وصالح بن علي وأما الصائفة فغزا بها في هذه السنة وهي سنة تسع وتسعين معيوب بن يحيى وقد كان الروم خرجوا مع بطريق لهم إلى الحرث فهرب الوالي ودخلها الروم وعاثوا فيها فدخل معيوب وراءهم من درب الراهب وبلغ مدينة استة وغنم وسبى وعاد.